الرئيسية > فضاء الإبداع > فكر > محمد حقي: الموقف من المرض والمرضى في العصر الوسيط

محمد حقي: الموقف من المرض والمرضى في العصر الوسيط

الموقف من المرض والمرضى في العصر الوسيط

محمد حقي

قبل الشروع في دراسة الموقف الذي يتخذ من المرض و المرضى من قبل المعنيين أنفسهم و من المجتمع فضلنا أن نتوقف عند مفهوم المرض كما فهمه وتصوره أهل العصر الوسيط.

ففي صحاح الجوهري نجد المرض هو السقم(1).

و في لسان العرب المرض هو السقم و هو ضد الصحة(2). و يعرفه الرازي بكل" ما اعتاق الأفعال عن أن يجري مجاريها الطبيعية في الحسن من غير واسطة و أن الصحة ما خالف ذلك".(3)

و نجد في محيط المحيط: مرض الحيوان يمرض مرضا و مُرضا أظلمت طبيعته واضطربت بعد صفائها   و اعتدالها. والمرض و المُرض فساد المزاج و إظلام الطبيعة و اضطرابها بعد صفائها و اعتدالها، و قيل هو في حالة خارجة عن الطبع ضارة بالفعل و يقابله الصحة. ويضيف   المُرض يختص بالنفس (4 ).

فكل هذه التعاريف تجمع على أن المرض هو خروج عن الوضع الطبيعي إلى وضع مضطرب مخالف للصحة.

تتوفر دراسات حول المرض من منظور فزيولوجي و طبي- علمي تطنب في التعريف بالأمراض و أنواعها و أسباب حدوثها و طرق علاجها، لكن النظر إليه من وجهة ذهنية و عقلية المجتمع يبقى غائبا و لم ينل أي اهتمام أو التفات بحيث لا نجد أي دراسة في هذا الاتجاه. و لعل الحاجة إلى منهج خاص لتناوله،و نوعية المادة المتوفرة و ندرتها، و انعدام التراكم المعرفي في الموضوع، ثم غياب المبادرة الجريئة، كانت وراء هذا الإحجام و الإهمال التام له. و مع علمنا بهذه الحقائق فقد تجرأنا على الخوض في الموضوع و اقتحامه.

إن حضور المرض كواقع معاش داخل المجتمع المغربي – الأندلسي يثير مشاعر الناس و يدفعهم إلى اتخاذ مواقف تختلف درجة وضوحها حسب الأشخاص و مواقعهم بالنسبة للمريض. فالمريض المرهق والمنتظر للموت بين الفينة والأخرى لن ينظر إلى مرضه بنفس الشكل الذي ينظر به إليه مشاهد و متتبع مهما كانت قرابته منه أو حميمية علاقتهما. وحرصا منا على هذا التمييز ورغبة في إبراز تصرفات كل طرف فقد فصلنا بين الموقفين.و قد مكنتنا النصوص القليلة المتوفرة من عرض بعض مظاهر تصرفات كل طرف، وإظهار التناقض الذي كان  يميزها كانعكاس مباشر للاضطراب النفسي الذي كان  يعيشه الفرد و المجتمع على حد سواء جراء المرض، وكذلك بفعل تباين مستوى التكوين الثقافي و الديني ودرجة الإيمان لدى المعنيين.

1- نظرة المريض إلى مرضه:إن دراسة المواقف المتخذة من المرض قد أظهرت تقلبا و تذبذبا واضحا و مستمرا، إذ ننتقل من حالة إلى تلك المقابلة لها، من الضجر والرفض وكثرة الشكوى إلى الشكر والإذعان والقبول، وستر المرض عن الآخرين، ورفض العلاج وقبوله، واستغلال المرض للاستعداد للموت والتوبة. وهذا التقلب ليس غريبا عن أشخاص كانوا يعيشون حالة اضطراب نفسي ناتجة عن ألم المرض وشفقة الآخرين التي قد تتحول إلى شماتةو استهزاء. إلا أن أهم ما يغلب على مواقف المرضى هو القبول بالمرض على أساس أنه ابتلاء  إلهي و زواله رهين بعفوه و رضاه. وقد ميزنا في تصرفات المرضى بين عدة أشكال سنعمل على عرضها.

يبدأ تحليلنا من الإحساس بالضجر والشكوى والرفض للمرض، و يجب أولا أن نلاحظ أن الحالات التي نتوفر عليها تهم الفترة الممتدة من القرن 5 هـ / 11م حتى نهاية العصر الوسيط. و نعتقد أن هذا الأمر ليس صدفة ولا نتيجة فقط لوفرة المادة، بل هو نتيجة لتغيير حصل في المجتمع الأندلسي– المغربي ارتبط بالنمو الحضاري وزيادة الرغبة في التمتع بالحياة وتطور الطب مما جعل النظرة إلى المرض أكثر واقعية وعرف بإمكانية علاجه.

خلال القـرن 5 هـ /11م، نلتقـي بحالة متميزة إنها حالـة الوزيـر أبي عامر ابن شهيد (ت 426 هـ / 1035م) المصاب بالفالج. فترك أدبا واسعا أكثر فيه من الشكوى و التبرم و التنبؤ بموته القريب، و توديع الأصدقاء و الإخوان و التأسف على أيامه الجميلة (5) و كل هذا نتيجة"شدة ضعف الأنفاس وعدم الصبر حتى هم بقتل نفسه."(6). و تتكرر هذه الحالة عند آخرين و كلها تظهر قوة الضجر   و قلة الصبر التي ترافق المرض، وهي أيضا حالات خاصة بمثقفين فكيف ستكون الأوضاع في أوساط العامة حيث تكثر الأمية ويقل الاهتمام بآداب السلوك ؟(7).

تقابل حالة الرفض حالة الرضى و التقبل وشكر الله على اختباره واعتبار المرض تجربة يثبت فيها المرء مدى قدرته على الصبر و عمق إيمانه. و أغلب الحالات من هذا النوع خاصة بمتصوفة وانطلقت مع تطور الحركة الصوفية (ق 6 هـ / 12 م). و يتحدث التادلي عن أبي يعقوب يوسف بن علي المبتلى (ت 593 هـ / 1197 م) من مراكش قائلا:"سقط بعض جسده في بعض الأوقات فصنع طعاما كثيرا للفقراء شكرا لله تعالى على ذلك." (8). وكان أبو عبد الله ابن جزي في مرضه لا ينفك يردد كلمات الشكر والحمد لله والتسليم لقدره و يعتبر البرء و السقم سيان و يلزم نفسه بالصبر و التحمل.(9) و"كان [أبو محمد القاسم الشاطبي الرعيني ] يعتل العلة الشديدة فلا يشتكي ولا يتأوه، و إذا سئل عن حاله قال: العافية لا يزيد على ذلك "(10).

يلتجئ كثير من المرضى إلى ستر أمراضهم إما عن كل الناس أو فقط عن الأجانب، و يعود هذا التصرف إما إلى التدين كما هو شأن المتصوفة الذين يرفضون الشكوى من قدرة الخالق لمخلوق ويكتمون عللهم، فهذا أبو صالح ابن الدلال المراكشي"مرض (..) مرضه الذي مات منه فما عرف علته أحد فلما مات وجد الجنب الذي كان ينام عليه قد أنفذته الأكلة إلى جوفه وما علم أحد بذلك إلى أن مات." (11)،  أو خجلا وحياء كما ينقل الزموري عن أحدهم:" أصابتني علة عظيمة في موضع قد استتر من جسمي و أنا أكره أن يطلع علي أحد إلا الله تعالى، وكنت أعالج منها أمدا عظيما."(12)، أو تكبرا و خوفا من شماتة الأعداء كما يوضح ذلك قول أحد مرضى أبي العباس السبتي:"أصابني تشنج سترته عن أعين الناس في منـزلي، فبعثت إليه رضي الله عنه أن يأتيني."(13). وهذا الموقف يعكس عادة اجتماعية قديمة في المجتمع المغربي– الأندلسي، وهي اعتبار المرض عيبا يثير سخرية الآخرين، ويحتفظ لنا عياض بنص من القرن 3 هـ / 9 م يثبت ذلك جاء فيه:" ذكر أنه كان بينه [أحمد بن يحي بن يحي  بن يحي   (ت297 هـ / 909 م)]

وبين بعض جيرانه الكبراء شيء، فعاده في علته التي مات فيها، فلما علم به قال أقيموني وتجلد له، ولما سأله عن حاله، قال: في عافية والحمد لله، فلما خرج تمثل:"وتجلدي للشامتين أريهم"." (14). فالتستر على المرض ظاهرة لازمت العصر الوسيط المغربي– الأندلسي، لكن سببه يختلف حسب فتراته فإذا كان الحياء والخجل من المرض والإصابة به، ثم الكبرياء  والخوف من شماتة الأعداء قد لازما الفترة كلها، فإن تصاعد دور التصوف قد أعطى إشارة الانطلاق لسبب آخر يتعلق هذه المرة بالتقوى والورع والصبر بحثا عن الثواب والأجر، مع الإشارة إلى أن هذا العامل الأخير قد يختلط في بعض الأحيان بالعاملين السابقين. ونظرا لكون المتصوفة أقلية وكذلك كون الأمراض التي يستحيى من إبراز أماكنها (الأعضاء التناسلية خاصة) قليلة، فإن السبب الأكبر لستر الأمراض سيبقى الكبرياء والخوف من الشماتة، ولازال المجتمع المغربي لحد الساعة يحتفظ ببعض أوجهه.

ويرتبط بستر الأمراض رفض العلاج عامة أو بعض أشكاله. و يبدو أن المجتمع المغربي – الأندلسي كان يعرف انتشار موجة تنصح بعدم الإقبال على الطـب والأطباء فمثلا يقول مثل شائع: "كل الزيت و لا تمشي لطبيب"(15). و نتوفر على مجموعة من الشواهد أغلبها يعود إلى الفترة الممتدة ما بين القرن 3هـ / 9م و 5 هـ / 11 م وتهم مجموعة من الشيوخ الذين يرفضون علاج العمى طمعا في الثواب الذي وعدوا به وهو الجنة(16). و إلى جانبهم تقف جماعة أكثر تطرفا وتشددا إذ ترفض كل أشكال العلاج طيلة حياتها مبررة بالمعتقدات الدينية وإغراقا في التقوى والورع، فمثلا محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم القرطبي ( ق 4 هـ / 10 م) "لم يتداو قط، و لا احتجم." (17) ولما توسع التصوف خاصة في المغرب توسعت حركة رفض العلاج والاستغناء عنه، إذ يعتبر المتصوفة عدم العلاج علامة على الصبر وتقبل بلاء الله واختباره وتعبيرا أكثر عن قوة توكلهم. فسليمان بن يحي، ابن ستهم (ت 609 هـ / 1212 م) " أصابته - رحمه الله – أكلة في وجهه [مات منها ] فما عالج قط داءها و لا استعمل دواءها و قد قيل التصوف اصطبار واختبار." (18).

تثبت الشواهد السابقة أن رفض العلاج عادة ما ينطلق من اعتقاد ديني، إما بحثا عن الجنة بالنسبة لأمراض العيون، أو إثباتا لقوة الإرادة و صدق التوكل بالنسبة للمتصوفة، إلا أن ما  تجب ملاحظته هو أن هذه الفئة التي ترفض العلاج محدودة العدد رغم التزايد الذي  سوف تشهده انطلاقا من القرن 6 هـ /12 م.

ظهر أعلاه أن فئة قليلة فقط من المجتمع هي التي ترفض العلاج وهو ما يعني أن أغلبية سكان المغرب والأندلس يبحثون عن العلاج، (19) لكن أي علاج يختارون ؟ أمام استحالة إيجاد جواب دقيق و شامل، فضلنا أن نبحث عن مدى حجم الإقبال على الطب العلمي و الفئة الاجتماعية التي تبحث عن خدماته، ومن خلال ذلك يمكن استنتاج الاتجاه العام الغالب على اختيارات هذا المجتمع في ميدان العلاج.

إن تتبع الشواهد المتوفرة حول إقبال السكان على الطب العلمي يكشف بسرعة أن أغلب العناصر التي تلجأ إلى خدماته تنتمي إلى فئة الأمراء والملوك والإداريين والمثقفين أو بصفة إجمالية ما يعرف بفئة الخاصة. وحتى يتأكد ذلك بوضوح فسنعمل على استعراض مجموعة من الشهادات.

إن معظم الأطباء في المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط يعملون في قصور الأمراء والملوك ويختصون بهم كدليل على إقبال هؤلاء على خدماتهم ( 20 ). و يتأكد هذا أكثر عند الوقوف عند مجموعة من النصوص التي تتحدث عن نوع الطب الذي يقبل عليه الملوك والأمراء عند مرضهم.ففي عام 349هـ/959م لما مرض الناصر الأموي " أكبت الأطباء على معالجته إلى أن ظهر عليه تخفيف."(21) ولجأ المستنصر ابنه إلى استشارة الأطباء حول محل إقامته عند اشتداد علته الفالجية (22). وكان ابن أبي عامر كثير الاستعانة بالأطباء و عندما أيقن بالموت"هجر الأطباء" وأعرض عن خدماتهم (23).

في عهد ملوك الطوائف، استمرالأمراء في الاعتماد على الأطباء. فالمعتضد بن عباد (ت461 هـ/ 1069م ) قبيل موته "شكا ألما برأسه من زكام ثقيل انصب عليه فهده وأحضر له طبيبه" (24). وفي أغمات منفى المعتمد بن عباد،  مرضت أم بنيه فأرسل يطلب الطبيب ابن زهر الذي كان يزور مراكش لعلاجها(25).

في العهد الموحدي، لم يتوقف الخلفاء عن الاستعانة بالأطباء بل زاد اهتمامهم بهم. فقبل موت عبد المومن بن علي الكومي (ت 558هـ/ 1161م) "مرض (…) وأخذه وجعه (…) والأطباء يدخلون كل يوم و يسألون ولا طبيب إلا الله تعالى."(26). وعند مرض أبي يعقوب عام 565هـ / 1168م –9م كان يدخل عليه "الأطباء الأولياء أبو مروان ابن قاسم وأبو بكر ابن طفيل وغيرهما ينظرون فيما يصلح به من الشراب و الغذاء و جميع الأشياء". (27) و"وفدت عليه الأطباء من الأندلس للمعالجة إلى أن وجد الراحة." (28) من مرضه عام 573هـ/1176م. وعندما أصيب في معركة شنترين كان " الأطباء حاضرون ابن زهر وابن مقـبل وابن قاسـم ملازمـون له."(29) و في منتصف الثمانينات من القرن 6هـ/ 12م مرض يعقوب المنصور الموحدي، فأشار عليه أطباؤه بالسفر و الترويح عن نفسه (30).

ولم يخرج المرينيون و لا بنو نصر عن هذا التقليد ذلك أنهم وضعوا ثقتهم أيضا في الأطباء وكان لهم فريق من الأطباء يعملون تحت إمرة كبير لهم يدعى طبيب الدار السلطانية، كما كانوا يستدعون الأطباء لعلاجهم عند الحاجة من مدن مختلفة (31).

تظهر الشواهد السالفة هذه الثقة الكبيرة التي يضعها الملوك والأمراء في الأطباء منذ القرن 4 هـ/ 10م، فكلما حصل لهم توعك بسيط كانوا ملجأهم و مغيثيهم.

إلى جانب الملوك والأمراء نجد فئة مهمة من المحيطين بهم من وزراء و أعيان و علماء يفضلون الطب العلمي على غيره من أشكال العلاج، فمثلا رحل أحد أفراد الأسرة الأموية في الأندلس و يدعى محمد بن معاوية ويعرف بابن الأحمر  (قبل 300هـ/912م ) إلى المشرق ومنه إلى  الهند لعلاج قروح في وجهه والتزم لطبيب هندي بدفع نصف تجارته، وكانت كبيرة مقابل شفائه مما يعاني منه (32).ولما شاخ الزاهد ابن وضاح القرطبي (ت 287هـ / 900م) "دله  الأطباء أن يروح نفسه، فكان يداعب ويضحك."(33). و التجأ الوزير عبد الله بن بدر إلى الأطباء لعلاج ابنه من قروح خلال القرن 4هـ/ 10م (34). وفي وصيته لأبنائه جعل ابن الخطيب الطب من العلوم التي تستحق وتجب دراستها (35). ويتحدث ابن مرزوق عن مرضه في فاس و تلمسان فيذكر أن الطبيب كان  يزوره صباح مساء في بيته لعلاجه والإشراف على صحته (36). وفي مرضه، استقبل أبو عبد الله محمد بن يوسف بن زمرك زواره و" الطبيب بين يديه يتخذ له شرابا " (37). وورد عند الحضرمي في حديثه عن حراس باب من أبواب فاس أن أحدهم أصيب بوجع، فبعث يطلب دواء من طبيب لتسكين ألمه (38).

أوردنا أعلاه شهادات كثيرة تثبت أن الأمراء والمحيطين بهم (الخاصة) كانوا يقبلون بقوة على الطب العلمي ويثقون في إمكانياته، وهو أول ما يفكرون فيه عند الإحساس بألم أو الإصابة بمرض. و إذا كان هؤلاء يشكلون الزبناء الرئيسيين لهذا النوع من الطب، فإن ذلك لا يتعارض مع كون بعض أفراد عامة الناس يستفيدون من خدماته و يلجأون إلى رجاله.

منذ القرن 4هـ /10م، بدأنا نصادف بعض الإشارات التي تثبت اهتمام العامة بالطب العلمي. فالمستنصر الأموي يسمح لطبيبه أحمد بن يوسف الحراني بأن يعطي الفقراء والمساكين والمرضى من الأدوية التي يعدها في القصر(39).وكان الطبيب أبو الوليد الكتاني (ت 420هـ / 1129م) سخيا بعلمه يواسي به الفقراء  و المساكين لذلك أحبته العامة (40).و اشتهر أبو بكر ابن القاضي أبي الحسن الزهراوي بكونه" يطب الناس من دون أجرة ويكتب النسخ لهم."(41).و في سبتة، كان محمد بن عبد المنعم الصنهاجي الحميري (ت 750هـ/ 1350م ) يدرس الطب "و يدخل إليه أصحاب العلل و الزمنى شيوخا وكهولا لحضور دولته الطبية."(42).إن هذه الإشارات تثبت بوضوح أن الأطباء يخصصون جزءا من خدماتهم لعامة الناس، و إذا كان هذا يثبت إقبال العامة على الطب فتقديم الأطباء لخدماتهم مجانا يؤكد أن عدد المستفيدين منه سيظل محدودا جدا.  وتضاف إلى تطوع الأطباء حالات أخرى يبحث فيها أفراد من العامة عن العلاج الطبي. وقد تمكنا من الحصول على بعض النصوص بداية من القرن 6هـ/ 12م.

ينقل التادلي عن أحدهم أن أختا له أصيبت ببرص فخصص لعلاجها عشرين دينارا وسافر بها إلى أطباء فاس قبل أن يفشلوا ويلتجئ إلى متصوف (43)، وفشلت جهود آخر في علاج الصرع على يد الأطباء بعدما كرر زياراتهم (44). و قال أبو القاسم البلوي (ت 618هـ/ 1221م) متحدثا عن مرضه في مراكش:" يحضرني مهرة الأطباء للنظر في علاجي وتدبير علتي."(45). فهذه النصوص تبين أن هناك رغبة في الاستفادة من خدمات الطب من قبل العامة، وتقديم استشارة الأطباء على غيرهم.

من كل ما سبق أعلاه يظهر بوضوح أن هناك إقبالا على الطب العلمي داخل المجتمع المغربي  الأندلسي، لكن الفئة التي تستفيد منه تبقى محصورة في فئة الخاصة (حكام – إداريون –أعيان -علماء ) دون أن يعني ذلك عدم وجود فئة من العامة رغم قلتها تقبل على خدماته. و عندما نحاول أن نحدد أسباب ذلك نجدها أولا في عقلية المجتمع، فالعامة أبطأ في تغيرها وتقبلها للأشياء الجديدة، عكس فئة الخاصة المستعدة لتبنيها، وثانيا في الطب نفسه، ذلك أن عدد الأطباء  محدود  جدا و أغلبهم يبحث عن خدمة الأمراء ويطلب أجورا مرتفعة، ثم  ثالثا المنافسة  الشديدة من طرف باقي الأشكال العلاجية خاصة الطب الشعبي السهل المنال ثم المتصوفة انطلاقا من القرن 6هـ/ 12م.

أخيرا فالمرض يحرك مشاعر المريض، و يقوي عاطفته الدينية، و يجعله يفكر أكثر في نهايته وموته، فيعمل على التوبة والتخلص من كل تبعات الآخرة و الزيادة من تعبده و العمل على ضمان مستقبل من لهم علاقة به و بحياته. فمثلا الحكم الربضي المشهور بقسوته " أخذته في العلة رقة فكان يسهر بالقرآن إلى أن توفي". عام 206هـ / 821م (46). و لما مرض هشام المؤيد عام 363هـ / 973م خاف عليه الحكم II  "و شاعت صدقاته تذرعا لكشف ضرائه." (47) و كان محمد الأنجري السبتي (ت 803هـ / 1402م ) " يبعث إلى من وقع بينه وبينه كلام أو شئ فيتغافر معه و يبكي، و لم يزل ذلك دأبه في زمانته." (48)

وكان البعض عند المرض يهرع إلى المكان الذي يحب أن يموت فيه، كما حصل لمحمد بن عبيد الله بن حسين الكلبي ابن ميسون المالقي (ت 519هـ / 1124م ) لما " مرض واشتد مرضه، فتكلف التوجه إلى مالقة بلده، فوصل إليها و قد اشتدت علته فتوفي. " (49).

و يتوجه اهتمام المريض أيضا نحو من لهم علاقة به لضمان مستقبلهم، فأغلب الحكام عند مرضهم يعملون على تعيين خلفائهم (50)، و أفراد من عامة الناس يوصون بأبنائهم و أسرهم (51). و يعمل الأعيان و الأمراء على عتق عبيدهم و تمتيعهم بالحرية بحثا عن الأجر، لكن أيضا ضمانا لحياتهم وكرامتهم (52).

إن التوقف عند موقف المريض من مرضه أظهر لنا أن هناك ميلا عاما لتقبل المرض و تحمله على اعتبار أنه جزء من حياة الناس لذلك يعمل المريض على اتخاذ الاحتياط اللازم أولا، بمحاولة التخلص من ذنوبه السابقة و الزيادة من عبادته والاطمئنان على مستقبله و مستقبل غيره ممن يرتبطون به ما دام الموت قادرا على مفاجأته بين الفينة و الأخرى، فالمرض رديف الموت في عقله و ذهنه. و ثانيا، محاولة البحث عن حل لهذا المشكل عن طريق العلاج رغم اختلاف النوع المختار فالخاصة تميل نحو الطب العلمي، بينما تبحث أغلبية المجتمع (العامة) عن خدمات الطب الشعبي و الأشكال الأخرى دون الإعراض تماما عن الطب العلمي. و يشذ عن هذا الموقف حالات ترفض المرض و تتأفف منه بداية من القرن 5 هـ / 10 م، و هذا يثبت بداية ظهور تغيرات في موقف المجتمع من المرض كان نجاح الطب العلمي؛ دون شك، مساهما فيه إضافة إلى ازدهار الحضارة و الإقبال على الحياة و حب التمتع بها في ظل حكم ملوك الطوائف. وكذلك فئة من الزهاد وبعدهم المتصوفة الذين رفضوا العلاج واقتصروا على الدعاء منطلقين من و رعهم و تقواهم، و هذا التيار سيتقوى انطلاقا من القرن 6 هـ / 12 م. وأخيرا نشير إلى أن أهل المغرب و الأندلس نظروا إلى المرض كعيب يثير خجل المريض و شماتة العدو لذلك عملوا على إخفائه وستره  خاصة عن الأجانب. إذا كان هذا موقف  المريض  فكيف يعامل الوسط مريضه ؟.

2 – معاملة الوسط للمريض:إن تتبع تصرفات المحيطين بالمريض سواء كانوا قريبين منه ( الأسرة) أو بعيدين عنه نسبـيا (الأصدقاء والجيران) يظهر بوضوح أنه يحظى بعناية كبيرة و احتواء مبالغ أحيانا.و ربما، كانت الرغبة في إبعاد كل إحساس بالإهمال يزيد من ألمه و راء ذلك. و يبقى المريض عنصرا فعالا داخل مجتمعه يخالطه ويشاركه في كل شيء رغم ما قد يسببه ذلك من انتقال العدوى إلى الآخرين. و تتخذ معاملة الوسط للمريض صورا عديدة نركز منها على: التمريض داخل المنازل و تكفل الأسرة بالعناية بالمريض وعيادته المستمرة و تقديم المساعدة المادية و الصدقة للفقراء من المرضى و عزل المريض و التقزز منه ثم تمني موته ليتخلص من ألمه.

- التمريض في المنازل:كان المرضى في المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط عندما يحتاجون إلى التزام الفراش يبقون في بيوتهم وتتكفل الأسر بتقديم الرعاية اللازمة، لذلك نجد أن مختلف المؤسسات الطبية المنتشرة في هذه البلاد( دكاكين ومارستانات) لا تقدم هذا النوع من الخدمات فحتى المارستان فهو خاص بالغرباء، أما من له أسرة فهو يرفض اللجوء إليه بل و يتقزز الناس من دخوله كما يثبت نص أورده المراكشي (53). فالتمريض بالبيوت هو أكثر من مجرد تصرف يخضع للصدفة،فهو موقف اجتماعي عميق التأصل يتماشى مع التماسك العائلي القوي الذي يعيشه هذا المجتمع. و قد احتفظت بعض المصادر بعدد مهم من الإشارات تهم هذا الموضوع ( 54 ). و الحالات المتوفرة كثيرة و تثبت كون الظاهرة واسعة الانتشار و مستمرة، فهي تهم كل أنواع الأمراض بما فيها الجذام، كما تمس كل الفئات الاجتماعية خاصة و عامة.

وإذا كان هذا التمريض يخدم المريض ويشعره بالأمان، فهو مقابل ذلك يترك عواقب وخيمة وسط الأسرة خاصة إذا تعلق الأمر بأمراض معدية. و إذا كانت المصادر لا تتحدث عن ذلك مباشرة فهي تخفي في طياتها ما يدل عليه. فمثلا أورد ابن القاضي عن أحدهم أنه "توفي من علة السل، وذلك في حدود سنة 707 أو 708 هـ / [1307 ]، وكان ثالث ثلاثة إخوة هو أكبرهم (…) ماتوا من علة واحدة في زمن قريب". (55). فأثر العدوى واضح من كلمات النص نتيجة الاختلاط. و تحدث ابن عباد عن آخر قائلا: "فقرح قرحا فاحشا وقرح كل مولود ولد له بعد ذلك. " (56). فالعدوى إذن كانت حاضرة ونتائجها وخيمة.   و لكن لا مجال للتراجع عن التمريض في المنازل الذي هوتصرف اجتماعي أكثر منه عملية طبية.

- عيادة المرضى:كلمة عيادة مشتقة من عاد يعود بمعنى زار و المصدر العود و العياد و العيادة بمعنى زيارة المريض (57).و يضيف ابن منظور أن العيادة مشهورة في زيارة المرضى حتى صارت وكأنها مختصة بهم (58). فالعيادة بذلك زيارة المريض في مرضه و في محل تمريضه.

حظيت عيادة المرضى باهتمام كبير في المجتمع المغربي – الأندلسي، و صارت ترفع مكانة من يحافظ عليها خاصة إذا كان من أولى الأمر أو أعيان المجتمع، لذلك نجد بعض الحكام يستغلون موقعها في النفوس للتقرب من الرعية، فمثلا كان هشام الرضى ثاني حكام الأمويين في الأندلس (ت 180 هـ / 797م) يمدح بأنه كان "يعود المرضى." (59)، وكان أبو الحزم ابن جهور "يعود المرضى جاريا على طريقة الصالحين." (60). فأنت ترى أن هذا التصرف اعتبر عملا للصالحين و الأولياء، و سيظل وزنه مرتفعا طيلة فترة العصر الوسيط.

وقد وضعت لعيادة المرضى قواعد نظمت في أبيات احتفظ لنا بها ابن بشكوال (61). و تحدد آداب الزيارة فيما يلي: زيارة المريض مرة كل ثلاثة أيام و قضاء وقت قصير معه و الاختصار في الحديث معهو السؤال عن حاله.

ويزور المريض أصناف متعددة من الناس يأتي على رأسهم الأصدقاء كما يظهر من حديث ابن بسام عن أبي جعفر  ابن اللمائى (ت 465 هـ / 1072 م) " دخل عليه بعض أصحابه في علته التي مات منها." (62) وقال ابن المصحفي متحدثا عن زيارته لأحد أصدقائه المرضى: " دخـلت عليه يوما في تلك العلة ومعي غلام وسيم من إخـواننا. " (63).و يهب الأقرباء أيضـا لـزيارة مريضهم، فهذا إسحاق بن يحي بن يحي الليثي يدخل على والده في مرضه فيسأله عن علته (64). و أورد التادلي عن رجل دكالي (قبل 546 هـ / 1150 م) مرض أن "أهله يعودونه ويسألونه عن سبب مرضه." (65). و تحدث ابن مرزوق عن مرضه وذكر أن خاله كان يزوره صباح مساء بداره بفاس (66).و يزور الطلبة و الأتباع شيوخهم (67). وكذلك السلاطين أتباعهم، فمثلا زار المعتمد بن عباد شاعره وصديقه ابن زيدون في مرضه فشكره بقصيدة جميلة (68). ولما مرض القاضي إبراهيم بن عبد الرحمان التسولي في فاس كان السلطان أبو الحسن يزورهو يعوده و معه الوزراء و رجال الدولة (69). و يتلقى المريض أيضا زيارة زملائه في المهنة و العمل. فمثلا لما مرض أبو عبد الله محمد بن يوسف بن زمرك " عاده الكتاب" (70). و تتجاوز العيادة الأصدقاء إلى من لهم خلاف أو صراع أو حتى عداوة مع المريض. فهذا أحمد بن يحي بن يحي بن يحي الليثي (ت 297 هـ / 910 م) يتلقى زيارة أحد جيرانه الكبراء ؛ وكان بينهما خلاف، في مرضه الذي مات منه (71). و زار عبيد الله بن يحي بن يحي الليثي أحمد بن بقي بن مخلد في علة أصابته رغم عدائه لأبيه (72) و زار رجل مريضـا كانت له معه دعوى قضائية حول حقل في مرضه (73). و يشارك أهل الذمة المسلمين في عملية تبادل الزيارات عند المرض، فهذا حسراني اليهودي يزور أحمد بن مطرف القرطبي (ت 352 هـ/ 962 م) في مرضه (74).

و قد لا تكون العيادة شخصية بحيث تتخذ شكل رسالة نثرية أو قطعة شعرية يبعث بها العائد   للمريض. و تحتفظ لنا المصادر بعدد منها نذكر منها قصيدة لابن سهل يوجهها لحبيب مريض لم يتمكن من زيارته (75)، و أبيات للمعتمد أنشدها في أم الربيع التي مرضت و لم يزرها (76).

و تختص الفئات العليا بزيارة شخص آخر و هو الطبيب الذي يأتي لتتبع الحالة و وصف العلاج و إعداد الدواء و الاعتناء بالمريض (77).

جرت العادة في المجتمع المغربي-الأندلسي أن يحمل العائد بعض الهدايا للمريض (78). و عادة ما تكون شيئا يفتح شهية المريض، لكنها قد تكون موجهة لأسرته. فهذا عياض ينقل عن أحدهم: " لقد عادني مرة فأخرج إلي نصف جبنة، وقال لي اعلم أنها لا تصلح للعليل و لكن كرهت أن آتيك دون شيء، و لم يكن عندي سواها فلتأكل به الخادم خبزها. و عادني مرة أخرى فأخرج إلي نصف سفرجلة."( قبل 287 هـ / 900 م) (79). و عبـارات النص و تكلف المعني بالأمر في الهدية يؤكد أن مهاداة المريض عادة مترسخة و واسعة الانتشار بل ؛ ربما، أصبحت عرفا يثقل كاهل الأسر، و يثبت أيضا أن الهدية عادة ما توجه للعليل لتساعده على الشفاء.و هذا ما يؤكده النص التالي: " حكى أنه أهدى له [ابن الجياب] الفقيه ابن قطبة رمانا ثم دخل عليه عائدا، فلما رآه قال له: يا فقيه نعم بالهدنة زمانك، أراد نعمت الهدية رمانك."(ت 749 هـ / 1349 م) (80).

وتدور أثناء العيادة بين المريض و العواد أحاديث متعددة، يدور بعضها حول السؤال عن علته وحالته (81)، و بعضها حول التخفيف و الترويح عنه (82)، و قد يحاول المريض التنصل من كل أخطائه السابقة   و يشهد عواده على توبته و ندمه أو يطلب منهم الدعاء له بالشفاء العاجل (83). و قد يمتد الحديث ليستحضر ذكريات جميلة تنسي المريض آلامه لبعض الوقت (84). و يتطوع بعض الزوار فيقدم للمريض نصائح طبية و وصفات لعلاج مرضه كما فعل ابن الخطيب مع أحد أصدقائه بغرناطة (85).

و يحاول المريض أن يظهر تجلدا وصبرا أمام عواده وخاصة منهم من له خلاف معهم أو صراع خوف الشماتة، كما يفرح بهم مؤديا حق الضيافة. فهذا أحدهم يستقبل مخاصمه على حقل له فيظهر له "من السرور بعيادته والشكر له ما أطمعه فيه." (86). و لما مرض أحمد بن يحي بن يحي بن يحي الليثي جاء أحد جيرانه من أعدائه لعيادته " فلما علم به قال أقيموني وتجلد له." (87). و أغرق الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي البكري ابن الحاج عائده أبي البركات الحفيد بأدعيته التي سوف يجد بركاتها فيما بعد (88). لكن بعض المرضى قد يتضايق من كثرة سؤال عواده و إشفاقهم عليه، فيظهر الضجر و الاشمئزاز و يرد عليهم مظهراأو متصنعا القوة و الجلد كما فعل أبو جعفر ابن اللمائي مع عائد أكثر عليه (89).

أظهر تناول موضوع العيادة مدى أهميته في الموقف الذي يتخذه المجتمع المغربي – الأندلسي من المريض، وكذلك مدى تنظيمه منذ بداية التفكير في زيارة المريض حتى الخروج من بيته.

- التقزز من المرضى و رفضهم:

إذا كان المريض يستفيد من رعاية  محيطه القريب و البعيد ؛ و أحيانا بشكل مبالغ، مما يشعره بالراحة والهدوء ويسهل شفاءه، فإن هذا لا يمنع من وجود تصرفات عدائية حياله بحيث يتحول مرضه إلى مصدر للسخرية و التنكيت و في درجة أقصى للتقزز والرفض والإبعاد، بل إن السكان قد يبحثون عن مبرر شرعي لعزله بمحاولة استصدار فتاوي فقهية.

بالعودة إلى كتاب "أمثال العوام" للزجالي نلتقي بعدد مهم من الأمثال التي تتناول بعض الأمراض والعاهات بالسخرية و الهزل أو تظهر خصال أصحابها الحميدة و خاصة منها: العمى و الصمم و القرعو الجذام و العرج. و سنعمل على استعراضها.

* الأمثال الخاصة بالعمى: ( 90 )- أعمى ويمشي في الحرس .- الرقص قدام العمي، مجهودان لا يرى عمل .- أعمى هو، أثمى هو .- صباح الأعمى للتين المدود .-  الانقر في بلاد العمي يسمى أبو العيون .-  الأعمى والعرج ما عليهم حرج .- إن كان هي صدقة العمي أولى بها .-  أعور أخير من أعمى .-  أحول هو أتول هو .- أنقر هو أوقر هو .

تلخص هذه الأمثال أهم خصال العميان و هي تدخلهم في كل شيء حتى و إن كان لا يعنيهم و عجزهم عن تقدير الأشياء و الخوض في الأمور بشكل فوضوي و دون تمييز، كما أن الأعمى يرتكب كثيرا من الآثامو الخطايا رغم عاهته، و الأعمى متميز بالذكاء و يحتاج إلى الصدقة إشارة إلى احتراف الكثيرين منهم التسول.

*  الأمثال الخاصة بالصمم: ( 91 )- الضراط  مع الأصم نزاهة.- القط الأصم، صح عليه وهو ما ينضم .- الصم والاعدا تم.

تؤكد هذه المثال على بلادة الأصم وعدوانيته.

*  الأمثال الخاصة بالقرع: ( 92 )

- اشكندخلن  مع القرع نمشط رأس .- رأس بلا كيد، اقرع أخير من .- اقرع كيف أصبحت ؟ قال: مبتدي شر.- أول ولد نعملوه أقرع .- أقرع هو أطبع هو.

تظهر الأمثال مدى فرار الناس و تجنبهم للأقرع رغم ظرفه ولطفه و روحه المرحة، لأنه طول الوقت في حك و انشغال بعلته.

* الأمثال الخاصة بالعرج: ( 93 )

- أعرج هو أفرج هو .- الأعمى والأعرج ما عليهم حرج .

تسامح كبير مع الأعرج و الاعتراف له ببعض الخصال.

* مثال عن الجذام: ( 94 )

- أقل للمجذام: تكل المكشوف ؟ قال: لن يزيد النحس ولا ينقص.

* مثال عن الحدب: ( 95 )

-  أحدب هو أردب هو .

*  مثال عن البكم: ( 96 )

- أبكم هو أحكم هو .

يظهر من الأمثال أن المرضى و أصحاب العاهات كانوا محل سخرية و استهزاء من قبل المجتمع  الأندلسي، و لكنها تكشف عن الإمكانيات الخارقة التي ينسبها المجتمع لأصحاب العاهات و التي يعجز عنها الأصحاء (97).

و لا يتوقف هذا الموقف العدائي على الأمثال، بل إن  المصادر تحتفظ ببعض الحالات الواقعية التي كان فيها المرضى مثار سخرية الآخرين. فمثلا عير أبو عبد الله القرطبي أبا زيد بن أبي العافية بجرب كثير أصابه (98). و في تادلا، كان الزاهد أبو زكرياء يحي بن محمد الجراوي يخدم أحد الأعيان، و كان أقرع فلما أراد تقديم الماء لغسل أضياف له " أبى الأضياف أن يناولهم ذلك استقذارا له، فآلمه ذلك." (99). و في دكالة، مرض أحدهم و" انتفخت يده و قاحت ونتنت حتى أخرجه أهله و قومه من بينهم من شدة نتنه." (100).   و يتوسع الرفض ليتجاوز الأفراد المنعزلين إلى جماعات بأكملها، لذلك تتوجه نحو العلماء لاستصدار فتاوي لتبرير الإجراءات التي تعتزم اتخاذها. و تحتفظ " فتاوي ابن رشد" بحالتين من هذا النوع.و تتعلق الأولى بإمام ظهر عليه الجذام فأرادت جماعته عزله، لكن الفتوى أباحت له البقاء في منصبه شريطة أن لا يكون مرضه متفاحشا (101)، و الثانية تهم مبروصا يعمل بالعطارة بسبتة و يعمل المعاجن و الاشربة للمرضى، و مثل الأولى فالشيخ يقول بالإباحة (102). و أورد الونشريسي حالتين أخريين، حالة  أعمى يبيع الزيت و مجذوم يدخل المسجد و يرد ماء القرية (103). و يلاحظ أن اهتمام المستفتين يركز على مسألـة العدوى (البرص والجذام) و النظافة (الأعمى)، و لا عجب في ذلك فالقرن 6 هـ /11 م هو قمة الطب في المغرب و الأندلس، و هذا ما يفرض زيادة الوعي الصحي، و لكن أيضا لأن المنطقة تعرف ظاهرة عزل المرضى خاصة المجذومين، و لهذا  يرفض السكان رؤية أحدهم يتصرف بحرية. و ما يلفت الانتباه أكثر هو موقف المفتين الذين لم يصدروا أحكاما قطعية و اكتفوا فقط بالحديث عن الإباحة لتجنب الضرر، و هذا إن كان يؤكد على انعدام نصوص صريحة في الموضوع، فهو يثبت أن المجتمع المغربي – الأندلسي لم يصل بعد إلى تلك القسوة و الصرامة في معاملة المرضى و يترك مجالا واسعا لتحركهم خاصة عندما تتكفل أسرهم برعايتهم، وتقتصر العينة التي تهمش على الفقراء الذين لا أهل لهم يحمونهم و يمرضونهم لذلك يجمعون في أماكن خاصة.

- عزل المرضى: قرى الجذمى.توفر المصادر عددا من النصوص التي تشير إلى عزل المرضى مما يعطي الانطباع بأن الأمر يتعلق بكل أنواعهم، و لكن القراءة الدقيقة لهذه النصوص و وجود نصوص صريحة تثبت أن عملية العزل تخص  الجذمى فقط. و إذا كنا لا نعرف مصدر هذا التأكيد على هذا المرض، فإن كون المريض يتعرض لتعفن شديد في كل جسده، و الرائحة الكريهة التي تنبعث منه، يجعله أكثر إذاية للناس و نقلا لعدوى المرض، و هذا ما يؤكده نص لابن الخطيب جاء فيه:"و ذوي العاهات و الزمانات و الأمراض المعدية الذين أمر الشرع باجتنابهمو تسليم الصدقة لهم على قيد الرمح." (104).

لا نعرف بدقة متى بدأت عملية عزل المرضى في المغرب و الأندلس، و لكن أقدم النصوص الموجودة بين أيدينا تثبت أنها كانت موجودة في قرطبة منذ القرن 3 هـ / 9 م (105)، ثم  انتشرت بعد ذلك في المدن الكبيرة في المغرب و الأندلس. و يبدو أن عزل الجذمى لم يكن إجراء عاما و شاملا لكل السكان، ذلك أننا نصادف بعض الأشخاص رغم إصابتهم بهذا المرض، يستمرون في العيش مع عائلاتهم. و لعل ذلك كان نابعا من مكانتهم الاجتماعية و تقبل الأسرة لهم ثم عدم تفاحش مرضهم. و منهم محمد بن مروان بن ونان القرشي الاشبيلي (ق 4هـ / 10 م) الذي "امتحن بعلة الجذام فلزم بيته إلى أن مات" (106). و في جواب ابن رشد عن الفتوى التي سبق ذكرها يبرر عزل الإمام بتفاحش مرضه و ظهوره بوضوح (107). و في كل النصوص التي تتناول الجذمى و تؤكد على إبعادهم تبرر ذلك بقذارتهم (108)، و أهل سجلماسة لا يبعدون الجذمى، بل يستخدمونهم في الكنافة (109). و الأمثلة تبرهن على أن هناك فقط فئة من الجذمى تتعرض للعزل و الإبعاد.

تظهر بعض النصوص أن المرض كان منتشرا بقوة في الأندلس، فهذا المقدسي يصفها بأنها بلــد   " كثير المجذمين " (110)،  و لا نعتقد أن المغرب يختلف عنها باستثناء مناطقه الجنوبـية الصحراوية و شبه الصحراوية كما يؤكد البكري عند حديثه عن سجلماسة: " و لا يتجذم من أهلها أحد و إذا دخلها مجذام توقفت عنه علته. " (111). و هذا الانتشار الواسع جعل أغلب المدن المغربية و الأندلسية و خاصة الكبرى تخصص حارات للجذمى.

تعتبر قرطبة [حسب النصوص] أول المدن توفرا على حارة الجذمى إذ تعود إلى القرن 3 هـ / 9 م. وكانت على الضفة اليسرى للنهر الكبير مقابلة للمدينة، و في عهد الناصر و أمام رغبته في إبعادهم وحاجته إلى أرض قريتهم نقلهم إلى منية عجب (112) قبل عام 329هـ/939م، و بعد ذلك تختفي كل المعلومات حولها. لكننا نرجح استمرارها حتى سقوط قرطبة في يد المسيحيين عام 636 هـ / 1239م.

وكانت بمدينة طليطلة حارة للجذمى خلال القرن 5 هـ/11م، وكان سكانها كثرا (113).و عرف من أبواب غرناطة " باب المرضى" و هو إشارة إلى الجهة التي يوجد بها ربض الجذمى (114).و يظهر من نص لابن الخطيب عند حديثه عن مالقة توفرها على حارة من هذا النوع، و جاء فيه:" كيف لا يتعلق الذام ببلد يكثر به الجذام، محلة بلواه آهلة، والنفوس بمعرة عدواه جاهلة." (115) و عبارة محلة بلواه إشارة واضحة إلى الحارة.

في العدوة المغربية، نجد أن عددا من المدن تتوفر على منعزلات للجذمى. فمدينة مراكش مزودة بحارة لهم تقع قبلى المدينة أمام باب أغمات، وكان يقيم بها عدد من المتصوفة، كما أنها تتلقى زيارات عدد كبير منهم (116). و في فاس وجدت حارة الجذمى عند باب الكنيسة من عدوة الأندلس ( باب الخوخة ) شرق المدينة منذ القرن 5 هـ /11 م.كما أكد البكري (117)، لكنها ربما تكون أقدم من ذلك بكثير. وقد اختير لها هذا الموقع " ليكون سكناهم تحت مجرى الريح الغربية، فتحمل الرياح أبخرتهم ولا يصل إلى أهل المدينة منها شيء، و ليكون تصرفهم من الماء وغسلهم بعد خروجه من البلد" (118). و خلال الاضطرابات التي رافقت سقوط الموحدين و صعود المرينيين إلى السلطة انتقل الجذمى "و سكنوا بالكهوف التي بخارج باب الشريعة من أبواب عدوة القرويين." (119). و لما تولى يعقوب المنصور المريني نقلهم بطلب من السكان إلى كهوف باب الكوكب خارج باب الجيسة من عدوة القرويين عام 658 هـ / 1259 م (120). و هناك سيستقرون حتى نهاية فترة الدراسة.

و وجدنا إشـارة إلى حارة للجذمـى في مدينـة تازة عند باب الشريعة تعود إلى سنة 941 هـ / 1536 م (121). و رغم أنها تخرج عن فترة الدراسة، إلا أن ذلك لا يعني أنها استحدثت فقط في هذه   الفترة، حيث يعيش المغرب حالة اضطراب و صراع و ضعف، بل هي أقدم و تدخل ضمن مجال دراستنا.

نعتقد أن هذه المدن ليست سوى أمثلة قدمتها لنا المصادر و أن هناك مدنا أخرى خاصة الكبيرة مثل: اشبيلية و بلنسية و المرية و سبتة و سلا، تحتوي على حارات أيضـا للجذمـى. لكـن مــا توفر من معلومات يعد كافيا لإظهار خصائص هذه الظاهرة و مدى انتشارها في المغرب والأندلس زمنيا منذ القرن 3 هـ / 9 م حتى نهاية العصر الوسيط، ومكانيا في أغلب المدن. و عزل المرضى أو عجز آخرين منهم لا يفيد تعرضهم للضياع والإهمال ما دام المجتمع يتكفل بإعالتهم و استمرارهم في الوجود بفضل صدقاته  ومساعداته.

- مساعدة المرضى ماديا:حرص المجتمع المغربي – الأندلسي على رعاية المرضى ومساعدتهم خاصة منهم الفقراء العاجزين أو المعزولين في أحياء الجذمى أو الموجودين في المارستانات بعد ظهورها. و قد اعتبر المرضى من الأشخاص الذين يستحقون الصدقات كما يؤكد مثل شائع يقول: "إن كان هي صدقة، العمي أولى بها." (122). ومن هذا المنطلق استفاد المرضى و خاصة منهم العميان و الجذمى من أنواع كثيرة من المساعدات.

انتشرت في المغرب والأندلس عادة إطعام المرضى أطعمة تساعد في علاجهم، و نظرا لحرص الناس على ذلك وبذلهم كل الجهود لتحقيقه، أصبح مثل يتداول كلما ذكر هذا الموضوع:"سرق  الخوخ ويطعمها للمرضى"(123). و يتفاخر الناس بمن فيهم الحكام بهذه الخصلة، فمثلا كان أبـو الحسن المريني يقول عن طفولته:" وكنت مهما رأيت مريضا في السكك، أسأله عن شهوته، فإذا أخبرني بها تحيلت في إيصالها إليه." (124).

وكان أفراد من المجتمع يوقفون الأحباس على المرضى في الحواضر الكبرى لضمان نفقاتهم و تغطية حاجياتهم. ففي قرطبة في عهد الناصر الأموي كان للجذمى مجشر محبس احتاج إليه فأخذه منهم بعوض كبير بعد موافقة الفقهاء (125).و ورد الحديث أيضا عن أحباس المرضى في نص فتوى لابن سهل (126).و أورد ابن الزيات حادثة وقعت بين أبي الحسن بن حرزهم و أخيه، حيث هدد الأول الثاني بتخصيص نصيبه من تركة والده للمرضى الجذمى (127) ليؤكد انتشار عادة التحبيس عليهم في أوساط سكان مدينة فاس خلال القرن 6 هـ / 12 م. وكان الحكام يعتنون بالمرضى بتخصيص الأحباس لهم أيضا، فأبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر ( ت 635 هـ / 1138 م ) خصص صدقة جارية ل " ضعفاء أهل الحضرة [غرناطة] وزمناهم إلى  اليوم " (128). و كان أبو عنان يتصدق على المرضى على الدوام (129).

يظهر أن المرضى و المحتاجين استغلوا هذا التعاطف فأصبحوا يتسولون بعرض عاهاتهم أو تصنع   المرض، مما حرك المحتسبين للمطالبة بمنع هذه التصرفات. فهذا ابن عبد الرؤوف الكرسيفي يندد بذلك و يأمر بمنع "أصحاب الأورام و القروح البشعة، و من يتعلق مصرانه من جنبه، و الذي يصيح بوجع الحصا، و الذي يظهر أنه مقعد، و الذين يقرحون أيديهم ويوهمون الناس أن ذلك كله بلاء نزل بهم. " (130). لكن هذا الموقف لم يمنع المجتمع من السماح لبعض المرضى وخاصة العمي بالتسول أو ممارسة مهن أقرب إليه مثل القراءة على القبور.

-  تمني واستعجال موت المريض:إن عناية أفراد المجتمع بالمريض و شفقتهم عليه تجعلهم غير قادرين على تحمل رؤيته يتألم و يتوجع دون أي رجاء في العلاج، لذلك يتمنون له الراحة بالموت. و لا نجد في مصادرنا ما يدل على تدخلات مباشرة لإنهاء حياة المرضى و عذابهم، لكننا وجدنا نصا يبين لنا وسيلة ناجعة يلجأ إليها السكان، و يتعلق الأمر بالاستنجاد بدعاء الأولياء و الصلحاء أحياء و أمواتا. و يحتفظ لنا الكتاني بكرامة لأبي جيدة أحمد اليزغيتي الفاسي (ت 357 هـ أو 358 هـ / 967 م – 8 ) جاء فيها أن رجلا كانت له ابنة أصابها مرض أعوزه علاجه فأتى إلى قبره و طلب الله أن يريحه منها في عافية، فاستجاب الله دعاءه ببركته فما أتت عشية ذلك اليوم حتى ماتت. (131).

نخرج من دراسة معاملة المجتمع للمريض بخلاصة أساسية و هي أن هذا المجتمع يعتني بمريضه و يحميه من خلال تمريضه في المنازل و زيارته بشكل مستمر للتخفيف عنه، و لم يحرم من هذه العناية إلا من كانت أسرته عاجزة عن مساعدته أو كان غريبا وكان مرضه معديا، لذلك كان يعزل في أماكن خاصة دون أن يتخلى عنه المجتمع الذي يخصص له صدقات و أوقافا تساعده على العيش و العلاج و الاستمرار في الحياة.

3- استنتاجات:- ميل عام في اتجاه النظر إلى المرضبواقعية و تقبله والإيمان بإمكانية علاجه.- اعتبار المرض رديف الموت لذلك نجد المريض يتوب من كل ذنوبه ويستعد لاستقبال نهايته.- بحث أغلب المرضى عن وسيلة للعلاج تختلف باختلاف موقع المريض الاجتماعي والثقافي.- وجود تغيير عميق يخالف الاتجاه العام، ظهرت بوادره في القرن 5 هـ / 11م، وهو كراهية المرض والضجر منه، ولكن أيضا رفض العلاج خاصة من قبل الزهاد والمتصوفة.- حماية المجتمع لمريضه بتمريضه في منزله وعيادته وتقديم المساعدات المالية الضرورية لحياته.- عزل أصحاب مرض الجذام في حارات في مدن الأندلس والمغرب الكبرى.- مساعدة المرضى الفقراء و المعزولين بالأوقاف و الصدقات و السماح لهم بالتسول.

الهوامش

1 – الجوهري ، الصحاح ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1979 ، ج 3 ، ص: 1106 .

2- ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، ج7 ، ص: 231.

3 – الرازي ، أبو بكر ، المدخل إلى صناعة الطب ، المعهد العربي – الإسباني ، سلمنقة ، 1979 ، ص: 116 .

4 – البستاني بطرس ، محيط المحيط ، مكتبة لبنان ، بيروت ، 1977 ، ص : 846.

5 – ابن بسام الشنتريني ، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ، دار الثقافة ، بيروت ، 1979 ، ج 1 ،ص : 328 – 9 و 331 – 332.

6- ابن سعيد ، المرجع السابق ، ج 1 ، ص : 84 – ابن بسام ، المرجع السابق ، ج 1، ص : 328.

الحميدي ، جذوة المقتبس ، الدار المصرية ، القاهرة ، 1966 ، ص : 133 – 134.

ابن سعيد ، المغرب في حلى المغرب ، دار المعارف ، القاهرة ، 1964 ، ج 1 ، ص : 84.

7- محمد حقي ، الموقف من المرض و الموت في المغرب و الأندلس ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة ، كلية الآداب ، جامعة محمد الخامس أكدال ، الرباط ، 2001 ، ص . 39 - 40 . ( مرقونة ) .

8- التادلي ، التشوف إلى رجال التصوف ، مطبعة النجاح الجديدة ، البيضاء ، 1984 ، ص : 312.

9- المقري ، أزهار الرياض ، مطبعة فضالة ، المحمدية ، 1978 ، ج 3 ، ص: 195.

نفح الطيب ، دار الكتاب العربي ، بيروت، 1949 ، ج 8 ، ص : 46.

10- نفح الطيب ، ج 2 ، ص : 232 .

11- التادلي ، التشوف ، ص : 184 – 185.

12- الزموري ، أخبار أهل طيط ، مخطوط الخزانة الملكية ، الرباط ، رقم 1358 ، ص : 124 – 125.

13-التادلي ، التشوف لرجال التصوف ، ص: 476 (ملحق).

14- عياض ، ترتيب المدارك ، ج 4 ، ص: 160.

15- الزجالي ، أمثال العوام ، نشر وزارة الثقافة بالمغرب ، ج 2 ، ص: 161.

16- الموقف من المرض ، ص . 43 .

17- ابن الفرضي ، تاريخ العلماء والرواة ، مطبعة المدني ، القاهرة ، 1988، ج2 ، ص: 86.

عياض، المرجع السابق ، ج 6، ص : 151-152.

18- البادسي ، المقصد الشريف ، المطبعة الملكية ، الرباط ، 1982، ص: 118-119.

19- انتشر مثل في الأندلس يقول: "خلق الله الدا، واخلق الدوا ".وهو تعبير واضح عن الاعتقاد في العلاج واللجوء إليه عند الحاجة.

الزجالي ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص: 208.

20– الموقف من المرض ، ص. 103 – 107 .

21- ابن عذاري ، البيان المغرب ، دار الثقافة ، بيروت ، 1983، ج2، ص: 223.

22- ابن حيان ، المقتبس ، دار الثقافة ، بيروت ، 1983، ج6، ص: 211.

23- المقري ، نفح الطيب ، ج4، ص: 92.

24- ابن الأبار ، الحلة السيراء ،الشركة العربية للنشر ، القاهرة ، 1963، ج2، ص: 52-53.

25- المراكشي ، المعجب ، دار الكتاب ، البيضاء ، 1978، ص:228.

26- ابن عذاري ، المرجع السابق ، قسم الموحدين (ج3) ، دار الثقافة ، البيضاء ، 1985،ص:79. ابن صاحب الصلاة ، المن بالإمامة ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1979، ص: 154.

27- ابن صاحب الصلاة ، المرجع السابق ، ص :323 -4.

28- ابن عذاري ، المرجع السابق ،ج3، (قسم الموحدين ) ص: 152.

29- نفسه ، ص: 164.

30- المراكشي ، المرجع السابق ، ص:404.

31- ابن الخطيب ، الإحاطة في أخبار غرناطة ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ، 1973،ج3، ص:178.

ابن أبي زرع ، الأنيسي المطرب ، دار المنصور ، الرباط، 1973، ص: 376 و 396.

مجهول ، بلغة الأمنية ، المطبعة الملكية ، الرباط ، 1984، ص:52.

32 - الحميدي ، جذوة المقتبس ، ص:89-90 .

33- عياض ، المرجع السابق ، ج4 ، ص: 440.

34- ابن جلجل ، طبقات الأطباء ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1985، ص: 99.

35- عياض ، أزهار الرياض ، ج1، ص: 330.

36- ابن مرزوق ، المسند الصحيح ، الشركة الوطنية للنشر ، الجزائر ، 1981، ص: 490-491 .

37- ابن الخطيب الكتيبة الكامنة ، دار الثقافة ، بيروت ، ص:283.

38- الحضرمي ، السلسل العذب ، ص: 76.

39- ابن أبي أصيبعة ، عيون الأنباء ، دار الفكر ، بيروت ، 1956، ج3، ص:68

40- نفسه ، ص:72

41- نفسه، ص:130.

42- بلغة الأمنية ، ص:25.

43- التادلي ، المرجع السابق ، ص:269.

44- نفسه ، ص : 232.

45- ابن عبد الملك المراكشي ، الذيل والتكملة ، ج 6 ، ص : 385.

46- ابن القوطية ، تاريخ افتتاح الأندلس ، دار النشر للجامعيين ، ص : 77.

47 - ابن حيان ، المرجع السابق ، ج 6 ، ص : 152

48 - بلغة الأمنية ، ص : 46.

49 - ابن عبد الملك المراكشي ، المرجع السابق ، ج 6 ، ص : 331 .

50- ابن عذاري ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص: 77.

51 - ابن الابار ، الحلة السيراء ، ج 2 ، ص: 364.

52- ابن حيان ، المرجع السابق ، ج 6 ، ص: 207.

53– عند حديثه عن محمد بن أحمد بن رضى البكري أورد : " وتوفي بعض حفدته الذكور بها غريبا وحيدا بمارستانها [مراكش] " أنظر ، الذيل ، ج 5 ، قسم 2 ، ص : 638.

54- الموقف من المرض ، ص.

55- ابن القاضي ، درة الحجال ، ج 1، ص : 126.

56- ابن عباد ، الرسائل الكبرى ، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم 891 د ، ورقة 153 (وجه II ) .

57- الزبيدي ،تاج العروس ، مطبعة حكومة الكويت ، الكويت، 1972، ج 8 ، ص : 433.

58- ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، ج 3 ،ص : 319.

59- المراكشي ، المرجع السابق ، ص: 33 – النويري ، تاريخ المغرب الإسلامي ، دار النشر المغربية ، البيضاء ، 1985 ، ص: 77.

60- نفسه ، ص : 91. - نفسه ، ص :146.

61– قال الناظم : حكم العيادة يوم بين يومين وأقعد قليلا كمثل اللحظ بالعين

لا تبرمن عليلا في مسايلـة يكفيك من ذلك تسأله بحرفين

عني قول العائد للعليل : كيف أنت ، شفاك الله .

نشد أحمد بن يحي بن أحمد بن سميق الطليطلي ( ت 450 هـ / 1057 م) أبياتا في ذلك فقال:

إذا لقيـــت علــيلا فاقعــد لـديه قلـيــلا

ولا تـطـول عـليـه وقـل مـقـالا جـميـلا

وقـم بفضـلك عـنه تـكن حـكيما نبـيـلا

ابن بشكوال ، الصلة ، ج 1، ص : 61.

62- ابن بسام ، المرجع السابق ، ج 2، ص : 621.

63- نفسه ، ج 1 ، ص :327.

64 عياض ، المرجع السابق ، ج 3 ، ص: 394.

65- التادلي ، التشوف ، ص : 142

66- ابن مرزوق ، المرجع السابق ، ص: 490.

67- المقري ، نفح الطيب ، ج 7 ، ص :395

68- ابن زيدون ، ديوانه ، الشركة اللبنانية للكتاب ، بيروت ،ص : 185.

69- ابن الخطيب ، الإحاطة ، ج1 ، ص : 373. – النباهي ، المرجع السابق ، ص : 136

70- ابن الخطيب ، الكتيبة الكامنة ، ص : 283.

71- عياض ، المرجع السابق ، ج 4، ص :160.

72- نفسه، ص: 422.

73– نفسه ، ج 6 ، ص : 115.

74 – نفسه ، ص : 137.

75- ابن سهل ، الديوان ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1988 ، ص : 39-40.

76- ابن بسام الشنتريني ، المرجع السابق ، ج 3 ، ص :43.

77- ابن مرزوق ، المرجع السابق ، ص: 490 – 491. – الكتيبة الكامنة ، ص: 283.

78- لا تزال هذه العادة مترسخة في المجتمع المغربي في الوقت الراهن ، فلا أحد يزور مريضا دون أن يحمل معه بعض الفواكه أو ورودا

أو كل ما يمكن أن يروح عن المريض ويسعده .

79- عياض ، المرجع السابق ، ج 4 ، ص : 438.

80 - المقري ، نفح الطيب ، ج 7 ، ص : 377.

81- عياض ، المرجع السابق ، ج 7 ، ص : 12 و ج 3، ص : 394.

82- ابن بسام ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص : 621.

83- المقري ، نفح الطيب ، ج 7، ص : 395.

84- ابن بسام ، المرجع السابق ، ج 1 ، ص : 326 – 327.

85- ابن الخطيب ، أوصاف الناس ، مطبعة فضالة ، المحمدية ، ص : 123.

86- عياض ، المرجع السابق ، ج 6 ، ص : 115.

87- نفسه ، ج 4 ، ص :160.

88– المقري ، نفح الطيب ، ج 7 ، ص : 375.

89 - قال أبو جعفر ابن اللمائي في ذلك :

روحني عائدي فقلـت له مه ، لا تزدني على الذي أجد

أما ترى النار وهي خامدة عند هبـوب الريـاح تتقد ؟

ابن بسام ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص: 621.

90- الموقف من المرض ، ص. 60 .

91- نفسه ، ص. 61 .

92- نفسه ، ص. 61 -62 .

93 - نفسه ، ص. 62 .

94– نفسه .

95- نفسه .

96- نفسه .

97- لا زالت هذه الصورة منتشرة في المجتمع المغربي الحالي الذي لا يزال يروج بعض الأمثال المعبرة مثل :" ما يعرج ما يقرع

إلا البلا المسلطة " .

98 - المقري ، نفح الطيب ، ج 5 ، ص : 162.

99- التادلي ، المرجع السابق ، ص : 136.

100- الزموري ، أخبار أهل طيط ، ص :74 .

101 - ابن رشد ، الفتاوي ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1987 ، ج 2 ، ص : 883 – 4.

102- نفسه ، ص : 1061.

103- الونشريسي ، المعيار المعرب ، ص : 421 – 422 .

104 – ابن الخطيب ، مثلى الطريقة ، ص: 21.

105- عياض ، المرجع السابق ، ج 4 ، ص : 439.

ورد عنده ما يلي : " فنويت زيارة إخوان لي في قرية المرضى " ابن وضاح ( ت 287 هـ / 900 م) .

106- ابن الفرضي ، المرجع السابق ، ج 2، ص : 38.

107- ابن رشد ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص :844.

108- أبعدهم الناصر الأموي من جوار قصره بقرطبة خوف القذارة وتقززا من منظرهم مقدما تعويضا كبيرا .

عياض ، المرجع السابق ، ج 6، ص : 87.

وطالب أهل فاس ( ق 7 هـ / 13 م) بإبعادهم من مجرى النهر و مجرى الريح من الحكام المرينيين لتجنب قذارتهم الآتية عبر

الماء أو أبخرتهم الآتية عبر الجو ، ابن أبي زرع ، الأنيس المطرب ، ص : 40 – 41 . الجزنائي ، جنى زهرة الأس ، المطبعة الملكية ،

الرباط ، 1991، ص : 24-25.

109- البكري ، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب ، مكتبة المثنى ، بغداد ، ص : 148.

110- المقدسي ، أحسن التقاسيم ، مكتبة خياط ، بيروت ، 1906 ، ص : 236.

111 - البكري ، المرجع السابق ، ص :148 .

112 -عياض ، المرجع السابق ، ج 6 ، ص : 87 و 90.

113- نفسه ، ج 8 ، ص: 152 – 3.

114- العمري ، وصف إفريقية والأندلس ، مطبعة النهضة ، تونس ، ص : 40.

القلقشندي ، صبح الأعشى ، المطبعة الأميرية ، القاهرة ، 1915، ج 5 ،ص : 214.

115- ابن الخطيب ، معيار الاختيار ، مطبعة أكدال ، الرباط ، 1977 ، ص: 53.

116- العمري ، وصف المغرب ، مجلة البحث العلمي ، عدد 1 ، 1964، ص : 159.

ابن الزيات ، التشوف، ص : 268 (انظر هامش الصفحة أيضا) .

117 - البكري ، المغرب ، ص : 116.

118- ابن أبي زرع ، المرجع السابق ، ص: 40-41. – الجزنائي ، المرجع السابق ، ص: 24-25.

119- نفسه .

120- نفسه .

121- حوالة أحباس تازة ، فيلم رقم 134 في الخزانة العامة ، الرباط، ص : 106.

122 -الزجالي ، المرجع السابق ، ج 2 ، ص : 41 .

123- نفسه ، ص : 471.

124 - ابن مرزوق ، المرجع السابق ، ص : 128.

125- عياض ، ترتيب المدارك ، ج 6 ، ص : 87 و 90.

126- الونشريسي ، المرجع السابق ، ج 7 ، ص : 481.

127- التادلي ، المرجع السابق ، ص: 170. – ابن القاضي ، جذوة الاقتباس ، ج 2، ص : 464.

ابن عيشون ،الروض العطر ، مطبعة النجاح الجديدة ، البيضاء ، 1997 ، ص : 59.

128- ابن الخطيب ، اللمحة البدرية ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، 1978، ص : 43.

129- ابن بطوطة ، تحفة النظار ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1997 ، ج 4 ، ص : 199.

130 - ليفي بروفنسال ، ثلاث رسائل في الحسبة ، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي ، القاهرة ، 1955، ص: 113.

131- الكتاني ، سلوة الأنفاس ، طبعة حجرية ، فاس ، 1898، ج 3، ص: 92.